صحافة الذكاء الاصطناعي وهل ستغني الآلة عن الصحفي ؟



تطور المجال التكنولوجي في عصرنا الحالي ووصل إلى أبعد الحدود ، بدأ من الكهرباء و أجهزة الراديو ثم أجهزة الحاسوب و اختراع الهاتف و في سنوات الأخيرة رأينا الهواتف الذكية و كيف غيرت حياتنا و طريقتنا في العيش حيث أصبحت تستطيع طلب البيتزا بواسطة تطبيق على هاتفك الذكي و شراء ما تريده و سيصلك في اسرع وقت و بعد هذه التطورات حدثت طفرة في مجال علم الحواسيب و ظهور الروبوتات الذكية التي قد تحل محل البشر في المستقبل ومن المجالات التي دخلها الذكاء الاصطناعي مؤخرا الصحافة و نقل الخبر و أصبحت تسمى بصحافة الذكاء الاصطناعي و في هذه المقالة سنتحدث عن ما هو الذكاء الاصطناعي ؟ و كيف يتم توظيف الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي ؟ و ماهي مميزات و عيوب صحافة الذكاء الاصطناعي ؟ و سنعرف الأنظمة و الخوارزميات المستعملة في هذا المجال.  


ما هو الذكاء الاصطناعي ؟


توجد تعريفات عديدة للذكاء الاصطناعي و كلها تصب في مكان واحد حيث صاغه جون مكارثي عام 1956 على انه علم هندسة الآلات الذكية و يقول اندرياس كابلان على أنه قدرة الأنظمة على  تحليل البيانات و تفسيرها و الاستفادة منها و هذه التعريفات كانت في السابق أما اليوم فاصبح الذكاء الاصطناعي اكثر تطورا و له القدرة على محاكاة عمل البشر و قد يكون اكثر دقة من البشر في العديد من الصناعات و أصبح الذكاء الاصطناعي يقوم بأعمال معقدة التي كانت في السابق تتطلب التدخل العنصر البشري مما سهل المهمة بشكل كبير حيث يقوم بحل المشاكل بدقة كبيرة وربط المعلومات ببعضها و تحليلها ، وقد نستغني عن العنصر البشري في المستقبل وربما سيكتسح جميع المجالات حتى في أمور الحياة اليومية كطلب كوب قهوة مثلا أو قيادة السيارة و توصيل الطلبيات و العديد من الأمثلة التي يتم تطويرها الآن بينما نحن نتحدث إن مكبر الصوت أليكسا يعتبر أحد الأمثلة من تطوير شركة أمازون و الذي هو عبارة عن روبوت الي يمكنك التحدث معه و وربطه مع أجهزة أخرى و يقوم لك بالعديد من المهام بشكل اوتوماتيكي.

أما من الجانب التقني فالذكاء الاصطناعي يعتمد على الخوارزميات (Algorithms) التي تعتبر أساس البرمجة وتتمثل وظيفتها في تمثيل المعلومات وحل مشكلة ما و إعطائها للحاسوب بطريقة مبسطة لكي يفهمها و تستعمل لغات البرمجة في توجيه هذه المعلومات و ووضعها في شكل برنامج لكي يتم استيعابها و الحصول على هذه المعلومات في الوقت الذي تريد.


كيف يتم توظيف الذكاء الاصطناعي في المجال الصحفي ؟


إن مصطلح صحافة الذكاء الاصطناعي غير شائع حاليا بين و يتم تطويره يوميا من قبل مؤسسات خاصة في هذا المجال و التي تقوم بتطوير روبوتات ذكية خاصة بالصحفي ووفرت للمؤسسات الإخبارية استخدام الذكاء الاصطناعي للقيام بالعديد من المهام لإنتاج العمل الصحفي في تدقيق المقالات و كشف الأخطاء و إنتاج الرسومات الخاصة بالمهمة المعينة و النشر الاوتوماتيكي مثل ما حدث مع روبوت GPT3 الذي تم تطويره من قبل شركة تابعة لأيلون ماسك حيث قام هذا الروبوت بنشر مقال في صحيفة الغارديان  و استخدم فقط 12% و نشط التفاعل أيضا في منتدى Reddit الشهير دون ملاحظة القراء أما في الصين فقد قامت وكالة انباء شينخوا بتصميم أول مذيع آلي محاكيا للهيئة البشرية في طريقة كلام الصحفيين و تعابير الوجه و الحركات و قدمت BBC صوتا اصطناعيا لقراءة المقالات المنشورة على موقعها و أطلقت وكالة reuters الإخبارية نظام فيديو لتغطية المباريات الرياضية ويعتبر هذا تطور سريع في هذا المجال و قد أطلق على صحافة الذكاء الاصطناعي العديد من المسميات كصحافة الخوارزميات و صحافة الروبوت و صحافة الأتمتة و غيرها من المسميات.

 

ماهي مميزات صحافة الذكاء الاصطناعي ؟


من المميزات التي توفرها الروبوتات في الصحافة هي سرعة نقل الأخبار حيث يمكن للروبوت إنجاز المهمة بسرعة كبيرة في الصحافة يعتبر نقل الخبر في اسرع وقت ممكن و التعامل مع كمية كبيرة من البيانات في وقت قياسي لن يمكن للصحفي استيعابها ، و يمكن للصحفي أيضا توسيع التغطية الإعلامية و الوصول إلى الأماكن التي لم يتم تغطيتها و يمكنك أيضا الروبوت من كتابة مقالات وفقا للمعلومات التي يتم إعطائه إياها ولكن درجة الكفاءة تبقى راجعة لدقة المعلومات و توفرها و التي يتم إعطائها للروبوت من طرف العنصر البشري و بالتالي بدون مدخلات موثوقة لن نستطيع الحصول على مخرجات و مقالات موثوقة من طرف الروبوت و من المميزات انه سيصبح الصحفي يركز على مهام أخرى و تعطيه وقت إضافي للتدقيق في المحتوى و إعطائه قيمة مضافة للمحتوى الذي بتم تقديمه.


الذكاء الصناعي


ومن المميزات الأخرى التكلفة في الإنتاج حيث سيقلل الروبوت من التكلفة و زيادة الميزانية في المؤسسة مما يؤدي الى الاستغناء عن العديد من الصحفيين الذين كانوا يقومون بمهام معينة التي أصبح الروبوت يتكفل بها ولك يبقى هاجس تكلفة الروبوتات و تطويرها و بالتالي لن يتم الوصول اليها من قبل جميع الأشخاص بالتالي تبقى حكرا على الشركات الكبرى التي تستطيع للوصول الى هذه التقنية بشكل أسرع.

ومن مزايا الروبوت في صحافة الذكاء الاصطناعي الكشف عن الأخبار الكاذبة و المقالات المسروقة و المحتوى المنسوخ و التي تعتبر انتهاكا لحقوق الملكية و سرقة أعمال الآخرين و لكي يقوم الصحفي أو أي منشئ محتوى على مراقبة محتواه من السرقة أمر شاق و يعتبر مستحيل بالطريقة اليدوية و هنا يأتي الروبوت للقيام بهذه المهمة فقد أصبح هناك مواقع و برمجيات تعمل وفق خوارزمية معينة تمكنها من الكشف عن أي مقالة منسوخة بالتدقيق في الفقرات و الكلمات و مطابقتها مع قاعدة بيانات الروبوت وفي حالة وجود محتوى مطابق لمحتواك ستعرف على الفور من سرق مقالتك و عملك الأدبي و هذا مما يسهل للصحفي المهمة و حمايته من سرقة ملكيته الفكرية و من الأمثلة الشائعة محرك البحث Google يعتبر أذكى روبوت على وجه الأرض من ناحية مراقبة حقوق الملكية الفكرية و التعرف على المقالات المنسوخة حتى بعد تعديلها .

ومن الأمور  المميزة في صحافة الذكاء الاصطناعي هو الكشف عن الاخبار الكاذبة و ذلك بالكشف عن مصادر هذه الأخبار و متابعتها ومن الأمثلة مواقع التواصل الاجتماعي التي هي عبارة عن روبوتات ذكية يمكنها التدقيق في المعلومات التي تأتي عبر مستخدميها و معرفة اذا كان الخبر يأتي من مصادر موثوقة أو مجرد شائعات متداولة على الشبكة الاجتماعية.

عيوب صحافة الذكاء الاصطناعي


دائما هناك عيوب في التكنولوجيا و الأجهزة الذكية و من بين العيوب في صحافة الذكاء الاصطناعي هو ان تحل الآلة محل البشر و قد يؤدي هذا الى نقص في الوظائف فقد يمكن للروبوت كتابة آلاف المقالات في وقت قياسي بينما يعجز عنها الصحفي و قد تستغرق أيام و هذا ما يشعر الناس بالخوف من التكنولوجيا و الآلات الذكية ولكن رغم ذلك يبقى الروبوت غير قادر على تحليل التفاصيل الدقيقة و يبقى أدائه راجعا الى البيانات التي يتم إعطائه إياها وخطأ واحد في خوارزميات هذه الروبوتات قد يعطينا أخبارا كاذبة و بعيدة بعدا عن الصحة والآلة لن يمكنها إعطاء مقالات لجذب الجمهور و مخاطبة عواطف الناس و بالتالي يبقى دائما العنصر البشري يتدخل في تدقيق البيانات و المخرجات التي يعطيها الروبوت لتفادي أية أخطاء.

الأنظمة المستخدمة في مجال صحافة الذكاء الاصطناعي 


قامت شركة OpenAI التابعة لأيلون ماسك المالك لشركة تيسلا و سبيس إيكس ،عمل أيضا على تطوير روبوتات ذكية في مجال تدقيق المقالات فأسسوا نموذج يسمى GPT-2 عام 2019 حيث يقوم هذا النظام بالتنبؤ بالكلمات و النصوص المقبلة وتم برمجته على أن يسجل حوالي 8 ملايين صفحة ويب و يحمل 1.5 مليار متغير ، ويمكنه إجراء المقابلات و توليد مقالات دقيقة ويمكنه فهم و توليد النصوص بالعديد من اللغات ويمكنه تلخيص النصوص و الإجابة عن الأسئلة و هذا أمر مذهل لا يمكن لأي برنامج القيام بهذه العملية ، و رغم هذه المميزات الى أن الشركة بقيت متخوفة من أن ييتم نشر اخبار زائفة و مضللة و لذلك تم إطلاق نموذج مبسط للتجربة عليه من قبل الباحثين في الشركة.

و تأتي بعدها النسخة الثالثة بعد نظام GPT-2 و PTB تحت اسم GTP-3 و يعتبر  هذا النظام الأكثر تطورا حاليا في توليد النصوص و أقوى من نظام  T-NLG التابع لشركة مايكروسوفت و يأتي روبوت GPT-3 بحوالي 175 مليار متغير ، و تتم آلية عمل هذا النظام فقط بإعطائه كلمات مفتاحية أو جملة واحدة وسيقوم بتوليد لك نص كامل مع تعبيرات دلالية كالتي يقوم بها الكاتب أو الصحفي و يمكنه حتى كتابة أبيات شعرية و الترجمة و كتابة الأكواد البرمجة و يمكنه تعليم نفسه بنفسه حيث يقدمك لك مهام عديدة في نظام واحد فقط.


ولقد تعرض نظام GPT-3 العديد من الانتقادات فقد استعمل العديد من الخطابات التي تحمل طابعا من العنف و التحيز العنصري ضد المسلمين و الجماعات الدينية و غيرها و قام بتوليد العديد من النصوص التي تضم كلمة مسلم و مرادفها إرهابي و كلمة حجاب و هذا الأمر قد يرجع بالسلب على صحافة الذكاء الاصطناعي و مدى فعاليتها و قد تسبب الأنظمة مشاكل إذا لم يتم التدقيق في المخرجات التي قد تكون حساسة للعديد من الأشخاص.

إن هذا التغير الهائل في مجال تطوير الذكاء الصناعي في المجال الصحفي و في المجالات الأخرى ربما هو مذهل و قد يغير طريقتنا في العيش و يسهل القيام بالمهام بسرعة و إتقان مما يعطينا و قت للقيام بنشاطات أخرى و الاستمتاع بالحياة.  

إرسال تعليق

أحدث أقدم